علاقة. (قصة قصيرة) بقلم الشاعرة ريما بورجاس // لبنان //

علاقة.
(قصة قصيرة) 

لم تكن كباقي النساء، و الجيران المنهمكين في مشاكلهم اليومية وامور عائلاتهم.
كنت انتظر زيارتها في كل صباح بالرغم من انها لم تشرب معي القهوة يوما ولم تأخذ من وقتي الا القليل . 
لم تستسغ كلمة "صبحية" لانها  تعتبر  ان اجتماع النساء في الصباح وثرثراتهن  مضيعة للوقت وهدر للنشاط. 
اعتادت على  زيارتي كل يوم ربما لانها  تعيش وحيدة وتشعر بحاجة ملحة للبوح بما  اثقلها به طول التفكير عن الماضي والذكريات التي تحرمها  النوم ليلا.

-كيف اصبحتِ اليوم؟

هي بخير دائما لأن بعض الامل في الصباح يمنحها القوة  لمحاربة وحدتها. 
 تقول:
_يعجبني ان تهتمي باناقتك فانا كنت أزور  مصفف الشعر كل اسبوع...

بينما هي اليوم تقص شعرها قصيرا ربما يعطيها شخصية اكثر رزانة او لانها تضع منديلا ابيض فلا يعيقها في ترتيبه.

لكن هذه الصداقة او الجيرة بدأت تتغير بعد فترة  فقد اصبحنا نكرر نفس المواضيع في كل يوم وكأنها لم تعد تذكر غيرها  فتعيدها مختلقة بعض الاحداث الاضافية تقوم بسردها في كل مرة من جديد.

-احب بلدتي. لم أعد ازورها فقد تخلينا عن كل ما ورثناه لأخي وأتينا للسكن في بيروت....

في اليوم التالي
-احب بلدتي. لم اعد اشتاق لبساتين التفاح وكروم العنب، لن نندم على الماضي...

بعد يومين
-احب بلدتي... ربيتهم على الهدوء، ممنوع الصراخ  او المشاحنات في البيت،...

بقينا على هذه الحال الى ان  وقفت امام الباب  يوما ولم تدخل، 
تسمرت ساكنة وكأنها نسيت كل شيء.. فعادت ادراجها دون ان تجيب على ندائي.

مرت الايام وانشغلت ببعض التحضيرات لسفرة قصيرة الهتني عن الاهتمام بها. 
عندما عدت الاسبوع الماضي الى المدينة طرقت بابها وكنت افتقدها كثيرا وافتقد اجتماعاتنا القصيرة. 
انتظرت طويلا الى ان فتحت  لي سيدة فيها شبه من ملامحها عرفت بعد ذلك انها اختها الصغرى. 
كانت سلمى تجلس على الكنبة في زاوية الغرفة قرب النافذة، نظرت الي بعينين شاردتين لا حياة فيهما وعندما سالتها عن حالها رمقتني بنظرة غضب وصرخت في وجهي بكلام غير مفهوم. 
راحت تهذي 
_اريد ان اعود للبيت 
همست في اذني :
_
_تلك السيدة تحتجزني هنا
امي وابي سيقلقان علي،
اريد ان اعود!

تمسكت بقميصي وراحت ترجوني الّا اتركها. 
هدأت من روعها ووعدت ان اجد الحل في اقرب وقت ممكن اذا هي وثقت بي.
رحلت والدمعة ترافقني والالم يعتصر قلبي، صدمت من تدهور حالتها الصحية والعقلية. 
 لم يطل الامر طويلا فقد سمعت صوت سيارة الاسعاف في المساء.
  لقد اتوا لكي ينقلوها الى دار المسنين للاهتمام بها.
وقد عرفت من الجيران يومها انها شردت في الليل  ووجدها احدهم تجلس على عتبتة بيت اهلها القديم وتبكي.

ريما بورجاس

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة حب من قلب الواقع بقلم الاستاذ محمد الدليمي ..... العراق //

وحدها الجدران تؤنسك بقلم الشاعرة لينا قنجراوي … سوريا //

إلى شرقي.. بقلم الشاعرة بيان الكنج.. سوريا //