سر منتصف الليل بقلم الاستاذ الصديق الأيسري ..... المغرب //

للمسابقة : قصة صغيرة 
الصديق_الأيسري_المغرب

الصديق_الأيسري_المغرب 

 سر منتصف الليل 

لن تصدقوني أبدا، أعرفكم واحدا واحدا ، أعلم ما تكتمون وما تعلنون،  أدرك جيدا خطواتكم السريعة والبطيئة ونوع الحذاء الذي تنتعلون في أرجلكم هل هو بكعب عال أم مسطح رياضي، حتى نظراتكم لا تخفى علي فأنا خبير في علم البصريات، من غمز ولمز ودهشة ورمشة، كل تحركاتكم وجمودكم، كل رقصاتكم وترنحاتكم، كل اهتزازاتكم وذبذباتكم استظهرها وأعرفها عن ظهر قلب. 
خبر نزل علي كالصاعقة، أريد أن أتقاسمه معكم وأشاركه معكم رغم أنه سر مكنون، ولكن معزتكم عندي غالية ومقامكم عال،محفوظ. سأبوح لكم به لتكونوا السباقين لمعرفة النبأ قبل أي  وسيلة إخبار. طبعا، هو سر لم يطلع عليه أحد. 
 رن الهاتف الخلوي في منتصف الليل بالتمام والكمال بتوقيت غرينتش، رقم مجهول يظهر على شاشة الهاتف، أصبت بالذعر في البداية، ثم بالفضول. مازال الهاتف يرن بدون إنقطاع. وهو ملح بالاستمرار في الرنين، أخذتني رعشة وأصابعي لا تقوى على حمل الهاتف، لأني منذ أمد طويل لم أتوصل بمكالمة في هذا الوقت المتأخر من الليل، استغربت كثيرا وبدأت الأسئلة تتزاحم في مخيلتي وقررت ألا أجيب. انقطع، فجأة، رنين الهاتف، فأحسست براحة نفسية عميقة، صمت وسكون. أسرعت إلى إطفاء جميع الأضواء حتى ساد الظلام في البيت إلا من أشعة رقيقة تتسرب من شقوق النوافذ،   من نور الشارع، انجذبت نحو شقوق الشرفة  اأستطلع ما يقع في الخارج. لمحت سيارة سوداء ذات دفع رباعي واقفة أمام بوابة العمارة بجانبها أربعة رجال ذوو  لياقة بدنية قوية وملابسهم أنيقة،  أمسك أحدهم هاتفا خلويا يريد الإتصال. فجأة، رن هاتفي أيقنت حينذاك أنني مراقب ومطلوب لأمر مهم وفي غاية السرية، لم أجب، لكي أتيقن من أن الرجل يتصل بي فعلا.حين أدخل هاتفه إلى جيبه انقطع رنين هاتفي.أسرعت إلى السرير. استلقيت على ظهري وأنا أراقب باب المنزل وصوت الأرجل على السلم. فجأة، سمعت خطوات خفيفة وصوت أحذية على السلم تقترب رويدا، رويدا، إلى باب المنزل. رن جرس الشقة  فقمت فورا من السرير مذعورا. دنوت من الباب لأرى من الطارق، فبدأ يناديني بإسمي الشخصي تارة، وبإسمي العائلي تارة، بصوت خافت، ومن حين لأخر يناديني أستاذ أستاذ ويطلب مني أن أفتح الباب... تمالكت نفسي  واسترجعت قواي وضبطت أموري وتشجعت قليلا كي أخفي ارتباكي وخوفي، أنا المعروف عني أني ذو قلب فولاذي وإنسان شجاع، أتحكم في كل الأحاسيس والارهاصات، فقد لقبت في العمل بالبطل. أشعلت الضوء وفتحت الباب. تقدم رجلان ودخلا بسرعة، بعد الاستئذان. لم يتركاني أتحدث أو أبدي رأيا. بسرعة البرق قرآ علي رسالتهما السرية بطريقة إدارية ولبقة، مع شيء من الإحترام لشخصي ولمنصبي،إذ أشتغل رئيسا لقسم  الجراحة في المستشفى الإقليمي وأستاذا  جامعيا في كلية الطب. طلبا مني الالتحاق بالعاصمة قصد تشكيل الحكومة الجديدة وترِؤسها للخروج من الأزمة الحالية وإعطاء دماء جديدة للنهوض بالوطن نحو التقدم، بشعار الإنسان المناسب في المكان المناسب، مع ربط المسؤولية بالمحاسبة. 

فهمت الرسالة جيدا فخرجا بسرعة، بعد أن قال أحدهما نحن في انتظارك في السيارة، أمام باب العمارة. وأنا أدفع باب المنزل لإغلاقه بعد خروجهما ، وأحاول أحاول إحكام إغلاقه بكلتا يدي، سقطت على الأرض، بعدما تدحرجت من فوق السرير استيقظت من حلم كنت أتمنى ان يكون حقيقة وأنا أمثل الشعب الفقير في رئاسة الحكومة. لم أصدق نفسي، فبحثت عن أخر الأرقام التي اتصلت بي. اكتشفت أن آخرمكالمة توصلت بها كانت من صاحب المنزل، يطلب ثمن الإيجار ، فأخذت أردد آه لو كان الحلم حقيقة، أردد آه لو كان الحلم حقيقة،  حتى غفوت ونمت مرة أخرى ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة حب من قلب الواقع بقلم الاستاذ محمد الدليمي ..... العراق //

وحدها الجدران تؤنسك بقلم الشاعرة لينا قنجراوي … سوريا //

إلى شرقي.. بقلم الشاعرة بيان الكنج.. سوريا //