مات أبي بقلم الاستاذ محمد مصطفى أحمد ..... مصر //
مات أبي
عند الغروب أري العشرات تمر من طريق ضيقة تكسوها اشجار عتيدة بمحازة ترعة ضيقة مدفونة تحت الحشائش والغاب
.اراقبهم من كوخي الصغير ويعودن بعد المغرب وبعضهم يعود في وقت متأخر من الليل يشق طريقه وسط الظلام ونقيق الضفادع
هذا المشهد يتكرر كل خميس وجمعه عدا ذلك لا أري الا نفرا قليلاً يمر .
لم أسأل نفسي يوماً ما الذي جعل هؤلاء يسلكون طريقهم الموحش وماذا يفعلون ولماذا بعض الوجوه تكرر رحلتها باستمرار دون ملل .
لم اكترث لشئ فرأسي بها من الهموم ما يكفي
كفاني أبي الذي لم أعرف عنه شئ
أعود إلى المنزل بعد أن أصلي العشاء وعادة اصليها متأخرا لأجد أمي تنتظرني وأمامها الطعام تتمتم بكلمات لا اعيها ثم تقول ما تقوله لي كل يوم (اتأخرت ليه يا علي .مفيش اخبار عن أبوك.
دا بقاله تسع سنين يا ابني لا حس ولا خبر .) فأختضنها وأقول هيرجع يا أمي إن شاء الله . فتمسح دموعها وتقول : مسكين سافر علشان يعملكم حاجه
فأقول لها ربنا يخليك لينا يا أمي ادخلي نامي وبكره ربنا يعدلها وادخل حجرتي لانام وفي الصباح الباكر اسرع الي حقلي كعادتي كل يوم ولكن اليوم هو الخميس ولا بد أن أضع نهاية لما أراه
لا بد أن أعرف ما الذي يفعله هؤلاء هم يتوافدون الان سوف أنادي عم الشيخ سيد وأعرف منه
ناديت عم الشيخ سيد : فسرعان ما هرول الي وقال : مالك يا علي فتعلثمت ولم اتكلم فنظر لي وقال: عارف انت هتقول شفتك الاسبوع الي فات ودلوقتي شفتك تاني من على نفس الطريق
يا ابني بروح عند شيخ من ربنا قالوا لي عليه سره باتع وبياجي خميس وجمعه
. أنت عارف يا علي بنتي كبرت وأنا خلاص يله مسك الختام وانت عارف ملهاش حد غيري
فقلت ربنا يحفظك يا عم سيد متقلشي كده فقال تعالى معايا وبالمره قول له على أبوك وبإذن الله راح يعرفك مكانه دا واصل
فقلت له بياخد فلوس فقال الي تقدر عليه للخدام مش له
فذهبت معه ومشينا قرابة ساعة ونصف وسط الزراعات حتي وصلنا ولما حان دورنا دخلنا لأجد أمامي رجل له لحية كثيفة يرتدي ملابس درويش وعلى رأسه عمامة خضراء وبخورا يملأ المكان .
فأسرع عم الشيخ ليقبل يده وهمس في أذنه معايا علي عايزك تقول لنا مكان أبوه مش عارفين هو فين ولك الحلاوه
فصرخ الشيخ أخرج يا سيد وسيب على .فجري وهو يقول حاضر وأسرع واغلق الباب خلفه ثم نظر لي وقال عايز تعرف مكان ابوك وليه أخباره انقطعت من اول ما سافر
أطمن يا علي ابوك بخير وعملكم فلوس أنت وأخواتك وسرعان ما نزع لحيته واسقط العمامه من على رأسه لاجد ابي أمامي
فصرخت اي فلوس وأي خير أنت فيه وأقول إيه لأمي
فقال بصوت عالي اسكت يا علي
فقلت لا مش هسكت دا اتعلمته فين يا ابو على
هو دا الحلال الي ربيتنا عليه قولي اعمل ايه إزاي عملت كده يابا
فقال بغضب متعملش حاجة يا علي
يا ابني أنا سافرت اسودت في وشي ومفيش شغل اتعرفت على واحد علمني الشغلاته دي
فقلت وتاخد فلوس الغلابه وتضحك عليهم دا يرضي ربنا
فقال هرجع معاك يا علي فقلت من غير الفلوس فقال دي لكم
فقلت مش عايزين فلوس حرام
فقال مقدرش اسيبها
فقلت خليك بفلوسك فقال هتقول إيه لامك
اقولها معرفناش عنه حاجه او اقولها يمكن يمكن
فصرخ وقال قولها أبويا مات مات يا علي
محمد مصطفى أحمد
مصر
تعليقات
إرسال تعليق