(المرآة) بقلم الشاعرة نسرين حسين // العراق //
(المرآة)
بقلمي
(نسرين حسين)
فقدت بَصرها إثر سقوطها من على سلَّم الدار ..
لم تجد متعةً بعد فقدها للبصر إلا في تبادل الحديث مع جارتها التي جاءت حديثاً لتسكن في الجِوار .
إعتادت السَمر معها كل ليلةٍ من وراء الجدار ،
حيثُ تبدأ بالضرب على الجدار الفاصل بينهما بعصاها ليكون ذلك بمثابة نداءٍ للجارة الصغيرة ، فتلتقيان كل يوم وبنفس الوقت .
كان فارق العمر بينهما كبيراً ، لكنه لم يلفت انتباه السيدة ،
بما كانت تتمتع به الفتاة من ذكاءٍ ودهاءٍ ولباقة .
فامتلأت أيام السيدة بالسرور والطمأنينة حتى صارت تتمنى أن تراها وتحتضنها بقوةٍ رداً لجميلها في ملء فراغ الليل وتبديد وحشته بقصصٍ وحكاياتٍ جعلت الليل عامراً بالسعادة طالَ ام قَصُر .
وكالعادة بدأت ذات ليلةٍ بالطرق على الجدار مناديةً الفتاة ، بعد أن أدركته بخطواتٍ بطيئة مستعينةً بعصاها التي تحب ، حيث تشاركها على الدوام خطواتها التي غادرها النور وخلَت من الألوان ..
جلست بجانب الجدار تحدث نفسها :
يالها من فتاة تشعر من خلال صوتها الحنون بدفىء لا تجده إلا في أحضان الأمهات ..
تُشعرك بأمانٍ يخلق بداخلك ثقةً كبيرةً وإحساساً يصرخ بداخلك ..لا أخاف أحداً .. هي معي ..
تمتمت السيدة :
أشعر معكِ بسعادةٍ عارمة .. انني ممتنه لكِ .. ياليتني لم أفقد بصري ..
إذاً لاجتزت الجدار وقبلتك الف قبلة !
كانت تتكلم وحسُّ الفرح يتملكها تماماً .
ضحكت الفتاة ، وصوت ضحكتها يدل على الرضا والراحة ، لكن
هنالك شيء غريب اختلط مع صوت الفتاة . صوتٌ يشبه
صوت الروح .
الفتاة - سعيدةٌ لأجلك، لانني استطعت أن أُنسيكِ ألم الفقد .
راحت السيدة .. تبتسم قائلةً :
أتعلمين أنني أحسُّ وكأنني أعرفك منذ سنين ؟ بل منذ ان عرفت نفسي ؟
ضحكت الفتاة مرة اخرى وبنفس ذلك الصوت الغريب ..
سكتت ، ثم أجابت بصوتٍ خافتٍ متقطّع :
بالفعل نحن نعرف بعضنا منذ سنين بعيدة .
كنتِ تقبلينني حين تنظرين للمرأة دون أن تجتازي الجدار .
عمَّ الصمت ، وهبت رياح باردة أثلجت جسد السيدة الضريرة ،
فسقطت عصاها وراحت تلحقها فاقدةً الوعي للحظات ..
فتحت عينيها كي تتذكر ما دار من حوار .. يا لَلمفاجأة !
انها ترى عصاها والآثار التي اتلفت بعضها جرّاء الطرق على جدار جارتها .
وقفت ، والحَيرةُ تغمرها ..
لقد عاد إليها بصرُها !
ولكن ..
لم يكن هناك جدارٌ ........ ولا تلك الجارةُ الفتاة !!
بقلمي
(نسرين حسين)
فقدت بَصرها إثر سقوطها من على سلَّم الدار ..
لم تجد متعةً بعد فقدها للبصر إلا في تبادل الحديث مع جارتها التي جاءت حديثاً لتسكن في الجِوار .
إعتادت السَمر معها كل ليلةٍ من وراء الجدار ،
حيثُ تبدأ بالضرب على الجدار الفاصل بينهما بعصاها ليكون ذلك بمثابة نداءٍ للجارة الصغيرة ، فتلتقيان كل يوم وبنفس الوقت .
كان فارق العمر بينهما كبيراً ، لكنه لم يلفت انتباه السيدة ،
بما كانت تتمتع به الفتاة من ذكاءٍ ودهاءٍ ولباقة .
فامتلأت أيام السيدة بالسرور والطمأنينة حتى صارت تتمنى أن تراها وتحتضنها بقوةٍ رداً لجميلها في ملء فراغ الليل وتبديد وحشته بقصصٍ وحكاياتٍ جعلت الليل عامراً بالسعادة طالَ ام قَصُر .
وكالعادة بدأت ذات ليلةٍ بالطرق على الجدار مناديةً الفتاة ، بعد أن أدركته بخطواتٍ بطيئة مستعينةً بعصاها التي تحب ، حيث تشاركها على الدوام خطواتها التي غادرها النور وخلَت من الألوان ..
جلست بجانب الجدار تحدث نفسها :
يالها من فتاة تشعر من خلال صوتها الحنون بدفىء لا تجده إلا في أحضان الأمهات ..
تُشعرك بأمانٍ يخلق بداخلك ثقةً كبيرةً وإحساساً يصرخ بداخلك ..لا أخاف أحداً .. هي معي ..
تمتمت السيدة :
أشعر معكِ بسعادةٍ عارمة .. انني ممتنه لكِ .. ياليتني لم أفقد بصري ..
إذاً لاجتزت الجدار وقبلتك الف قبلة !
كانت تتكلم وحسُّ الفرح يتملكها تماماً .
ضحكت الفتاة ، وصوت ضحكتها يدل على الرضا والراحة ، لكن
هنالك شيء غريب اختلط مع صوت الفتاة . صوتٌ يشبه
صوت الروح .
الفتاة - سعيدةٌ لأجلك، لانني استطعت أن أُنسيكِ ألم الفقد .
راحت السيدة .. تبتسم قائلةً :
أتعلمين أنني أحسُّ وكأنني أعرفك منذ سنين ؟ بل منذ ان عرفت نفسي ؟
ضحكت الفتاة مرة اخرى وبنفس ذلك الصوت الغريب ..
سكتت ، ثم أجابت بصوتٍ خافتٍ متقطّع :
بالفعل نحن نعرف بعضنا منذ سنين بعيدة .
كنتِ تقبلينني حين تنظرين للمرأة دون أن تجتازي الجدار .
عمَّ الصمت ، وهبت رياح باردة أثلجت جسد السيدة الضريرة ،
فسقطت عصاها وراحت تلحقها فاقدةً الوعي للحظات ..
فتحت عينيها كي تتذكر ما دار من حوار .. يا لَلمفاجأة !
انها ترى عصاها والآثار التي اتلفت بعضها جرّاء الطرق على جدار جارتها .
وقفت ، والحَيرةُ تغمرها ..
لقد عاد إليها بصرُها !
ولكن ..
لم يكن هناك جدارٌ ........ ولا تلك الجارةُ الفتاة !!
نص رائع وجميل دام الرقي والابداع.مودتي واحترامي
ردحذف